العمل أثناء الدراسة هل يعيق التحصيل العلمي .. أم يكسب الخبرة .. ؟؟
يلجأ معظم الشباب اليوم إلى العمل خلال الدراسة، إما بسبب الضغوط المادية التي يعيشونها، أو هرباً من ضغوط أخرى لها علاقة بالوضع النفسي والاجتماعي, فضلاً عن الأمان الذي يراه البعض بمجرد حصولهم على عمل مؤمَّن من النواحي المادية التي تمثِّل العامل الأهم بالنسبة إليهم. وفي أوقات كثيرة، أدرك بعض الشباب أنَّ العمل أثَّر بشكل كبير في الدراسة, ومنهم مَن وقع في نار الاستمرار في العمل على حساب ترك الدراسة, لاسيما ترك الدراسة, لاسيما الشباب الذين يعملون في القطاع الخاص, على اعتبار أنه فرصة مهمة جداً لاكتساب الخبرة والمهارة ، وفي حديث خاص للرواد مع عدد من الطلبة فتحدثوا لنا ..
الطلبة .. بين العمل والدراسة ..
يقول الطالب محمد أبو سليمان "22 عاماً" يدرس الهندسة، ويعمل كمنسق مشاريع في المؤسسات المجتمعية يتحدث حول دوافع العمل قائلاً: " الدافع مرتبط أحيانا بالحاجة المادية ولكن الإطار الأكبر هو توسيع المدارك والتجربة بالحياة " .
ويشير أبو سليمان حول الجامعة وفرصة الممارسة، أنها لا تعطي الفرصة في الممارسة العملية، وأن بالعمل تمارس الشيء الذي تدرسه أثناء عملك مما يتيح للشخص تنمية شخصيته.
ويقول أبو سليمان حول التوافق بين العمل والدراسة " إن من الصعب التوافق بين العمل والدراسة، ولا أستطيع أن أوفق بين الدراسة والعمل ، أهتم بالجامعة بنسبة 20 % والعمل بنسبة 80% لأن الدراسة تقليدية وهذا الأسلوب لا يساعدني في صقل شخصيتي لتفوق في سوق العمل " .
أما الطالبة زهرة صرصور "20عاماً " تدرس العلاقات عامة وتعمل في إحدى المؤسسات الإعلامية تتحدث عن السبب الجوهري للعمل أثناء الدراسة قائلة : إن طبيعة تخصصي يجبرني أن أخوض غمار العمل مبكرا قبل التخرج وهذا كله يؤدي إلى تقوية شخصيتي وثقتي بنفسي على ارض الواقع بعيدًا عن أي افتراض في الدراسة الجامعية, ذلك لتجنب الصدمة بعد التخرج "
ويتحدث الطالب هاني البياري "20 عاماً " يدرس التجارة ، والذي يعمل كمدرب في مؤسسة مجتمعية، عن الأسباب التي دفعته للعمل متحدثاً: " أن الأهل غير قادرين على توفير كل ما يلزمنا من مصاريف جامعية، وخاصة المصاريف التي لها علاقة بحاجتنا كشباب "
ويضيف البياري أن فرص العمل صعبة للغاية ولاسيما بعد انتهاء الدراسة وأن الكثير يحتاج للخبرة ، قائلاً " يجب على الطالب أن يعمل ليجد حقلاً يكتسب منه الخبرة والتجربة ليكون له دوراً في المجتمع ".
ويشير البياري حول المكان الذي يوفر له العمل هي مؤسسات المجتمع المدني، حيث تساعده في اكتساب الخبرة وتساعده مادياً .
وتتحدث الطالبة نسرين الشوا "21عاما" حول تعدد الأسباب للعمل قائلة " السبب هو المال ولكن مبرر دخولي في سوق العمل هو اكتساب الخبرة , وكي أكون على استعداد للعمل بعد التخرج , بالإضافة لتعبئة الـ C.V حيث تساعدني في الالتحاق لوظائف أخرى " .
مؤسسات المجتمع المدني أول الطريق ..
تتحدث فيروز حميد منسقة المشاريع في مؤسسة تامر المجتمعية ، حول استقبالهم للطلبة الجامعيين متحدثة : " نستقبل الكثير من الطلبات ولكن نتعامل مع طلبة المستوى الرابع ولمن يجد في نفسه دافعية للعمل، ووجودهم في هذه المشاريع كنوع من التشجيع في التحاق الطالب بسوق العمل ، وتكوين خبرة جيدة في مجاله أو المجال الذي يرى شخصيته فيها".
وتضيف حميد إن إلحاق الطلبة في هذه المشاريع والعمل بها يقلل من أوقات فراغهم واستغلال طاقتهم في المجتمع ، والمساعدة في تغطية احتياجاتهم المادية وتوفير على أهلهم في مصاريفهم الشخصية .
وتنصح حميد الطلبة حول التوفيق بين العمل والدراسة قائلة : " الطالب الذكي هو من ينظم جهده ووقته بدقة تامة بين عمله المجتمعي ودراسته ، وذلك لا يشعر الطالب بتشتت بل يدرك مدى أهميته في المجتمع " .
رأي علم الاجتماع
انطلاقا من مبدأ الفروق الفردية بين الأفراد من حيث القدرات والميول والاستعدادات والاتجاهات وسمات الشخصية، فإنه في المقابل لكل مهنة متطلبات وشروط للدخول بها ، من حيث الإعداد والكفاءات والخصائص المميزة .
يتحدث الأخصائي الاجتماعي عطا أبو ناموس منسق برنامج المساندة الإجتماعية للأسرة بجمعية الوداد حول التأثيرات النفسية والاجتماعية للطالب العامل متحدثاً : " كل شيء في الحياة يوثر ويتأثر به الإنسان، وبالنسبة للطالب له تأثيراته، سواء النفسية أو الاجتماعية ولكنها تختلف من فرد إلى أخر حسب الفروق الفردية لكل إنسان فمن الممكن أن يكون الطالب متأقلم وينظم وقته ما بين العمل والدراسة مما يؤدي إلى تحديد تأثير كل من الدراسة والعمل على الأخر فان كان لديه خطة موضوعة للعمل والدراسة فلا نجد أي انعكاسات عليه " .
ويشير أبو ناموس حول الطالب الذي لا ينظم أوقاته حيث يجد نفسه متأزم من الناحية النفسية ودائما في حالة من الضغط في العمل والدراسة مما ينتابه العديد من المشاكل النفسية والإجتم اعية مثل تأنيب الذات وإضرابات نفسية ويؤثر في علاقاته الإجتماعية .
ويقول أبو ناموس حول نظرة المجتمع للطالب الذي يعمل قائلاً : " تختلف نظرة المجتمع من مجتمع إلى أخر حسب العديد من الأسباب منها العادات والتقاليد والمستوى الثقافي للمجتمع، فمن الممكن أن تكون نظرة المجتمع تتسم بالايجابية وتشجيع الطالب على العمل حتى يتم الاعتماد على نفسه فى أكثر من مجال فى سوق العمل ". ويرى أبو ناموس أن هذه النظرة تؤدى إلى رقي المجتمع وارتفاع اقتصاده .
مازال الطالب يعاني من هاجس العمل والخبرة العملية ليلتحق بسوق العمل، لذلك لابد أن يكون هنالك تعاوناً ملموساً ومشاركة بين الكليات الجامعية والمؤسسات المهنية والمجتمعية الفلسطينية لمساعدة الطلبة في تأهيلهم لسوق العمل دون التأثير على دراستهم .
رهام الغزالي
No comments:
Post a Comment