" باذنجان"
المكان أجدر في وصف حالته فخمسون عاما قادرة على رواية كل قصص البؤس التي أولفت نصرة للمستضعفين ,فمن غير العادل أن تجد ثلاث بيوت تستر نفسها بقطع القماش والخيش العتيقة والزينقو المهترئ وكل بيت يأوي أكثر من عائلة يحيطها من كل الجهات عشرات الأبراج التي يسكنها اناس من الطبقة البرجوازية .
انه الفقر يحترف العزف على اللحظات المريضة التي تُعْيِ الانسان عند مشاهدته لها , فينفيك ليدفنك في قبر لا تستطيع الخروج منه .
الفقر الذي عاش مع ام عطية ابو عمرة خمسون عاما , حتى انه لم ينسى أن يورث نفسه لأولاد وأحفاد ام عطية. ليبقى شاهدا على تعاسة هذا المكان .
لتجد ممر صغير يفصلك عن صالون بحجم غرفة صغيرة وغرفة بحجم صندوق صغير , حائط متهالك يرفع عقيرته معلنا عن جنازة الورود ..
وجوه منتشرة علي أرضية الغرفة تشكي ملامحها الأسى والحسرة , امرأة طفتها الحياة تصرخ على أطفالها بين لحظة وأخرى , أطفال جائعون يلحسون قشور الباذنجان في صحن ستليستين وهم يدرون حول ذواتهم في المكان الضيق .. يتصاعدون تنهمر صنابير أعينهم من شدة الحر ونفاذ الطعام .
أشياءٌ هامشية كخزانة صغيرة دون رفوف ولا حتى ابواب , مخبئا مناسبا وجدت الفئران فيه مأوى لها .
أم عطية التي تزوجت من رجل لا يتكلم أنجبت 7 أبناء , تعيش مع ابنها الذي ورث عن والده الصفة نفسها ,متزوج وله ثلاثة فتيات رغم صغر عمره ومع ابنتها التي تثاقلت عليها الهموم في سن مبكرة والتي يبلغ عمرها 17 عاما
تحدثت أم عطية عن حالتهم السيئة والظروف المعيشة التي تعيش فيها هي وأولادها قائلة " لا يوجد مُعيل للأسرة فابني الذي أعيش معه لا يتكلم ولا يعرف أن يدبر أموره في الحياة ,وزوجي متوفي , ومصدر رزقنا كبونة من الوكالة و200 شيكل من الشؤون كل ثلاث شهور وهذا لا يتناسب وأسعار الأيام , والحالة التي نعيش فيها .
الفصول تحاصر حياتهم ..
تابعت أم عطية روايتها عن ويلاتها والتجاعيد تأخذ من وجهها مكان قائلة في هذا البيت لا نحتاج أن نخرج خارج البيت لنرى الأمطار وهي تسقط ! بل نجدها في كل غرفة مكونة برك ماء صغير بسبب الثقوب الموجودة في سقف البيت.. عدا عن الصيف الحار الذي يبدو البيت فيه ككراتين التخزين ولا تقدر أن تجلس بالبيت ولو لدقيقة واحدة لأنك وباختصار ستشعر باختناق من شدة الحر .
وأضافت أن هذ الجو الغير الآدمي سبب الكثير من الامراض لأولاد ابنها ولها , وأنا أعاني من السكري والضغط , مما يزيد من حالتها ويجعلها صعبة . فهي تحتاج لجو مناسب يلائم وضعها الصحي , وطعام يناسب عمرها الكبير وجسدها الهزيل .
وذكرت أم عطية أن الحرب ادت لتدمير كتير من الاساسيات في البيوت , وفقد الكثير من الأثاث من سقف وشبابيك وابواب , ولكن قامت الوكالة بترميم جزء من البيت وبعض التعويضات والتي من شأنها ان تعيد البيت كما كان ما قبل الحرب .
جنازة أحد البيوت ..
أوقفت "أم عطية" حديثها, وامتلأت عيناها بالدموع والألم يعتصر قلبها من شدة الحزن , ثم ببحة صوتها الغير مسموعة واصلت حديثها لتقول الكارثة العظمى وهي انهم يتعرضون للتهديد , وبترك بيوتهم دائما , كون هذه الأراضي ملك للحكومة وليست ملكهم , فكل شهر يأتيهم تهديد بترك البيت , مع تعويض بسيط , وهذا التعويض لا يكفي لان يشتروا بيوت تأويهم و هذه الحالة تخلق شعور من الخوف والترقب بسبب التهديد لترك البيت بدلاً من حمايتهم وتأمين مأوى يليق بعائلتهم .
جهات رسمية
حاورنا الاستاذ ابراهيم رضوان مدير سلطة الأراضي بغزة حول هذه القضية حيث قال أن القضية لها اكثر من زاوية
الزاوية الأولى: وهي أن المواطنين أقاموا بيوتهم على هذه الأراضي بشكل غير قانوني وهذا ليس من حقهم .
الزاوية الثانية : وهي ان هؤلاء الناس بحاجة ماسة الى سكن وقال " أننا " أي الحكومة لم نغفل ذلك
وحول آليات التعامل مع هذه المناطق العشوائية أكد رضوان ان سلطة الأراضي تقوم بإجراء مخططات سكنية لمثل هذه المناطق وذكر على سبيل المثال " منطقة أبو عمرة خلف جامعة الأزهر .. بمعنى أن الحكومة ستقوم بتحديد الشوارع العامة والمرافق العامة ايضا والمساجد بحيث تكون هذه المنطقة منظمة وفقا لمخطط السلطة .
وأوضح في حديثه .. إلى أن سلطة الأراضي تأخذ بالحسبان البيوت الموجودة , و منطقة أبو عمرة على وجه الخصوص قال انه هنالك مقترح لإنشاء منطقة خاصة فيهم بالقرب من موقع قريش سابقا ..
و أشار رضوان أيضا إلى أن الحكومة تعمل على إنشاء مشاريع إسكانية في الشمال وخانيونس ومنطقة البساتين بالقرب من المشتل شرق غزة لاستيعاب السكان الذين قد تضطر السلطة إلى اخلاءهم من اماكنهم.
وأضاف أنه في حال وجدت السلطة "سلطة الأراضي" بعض البيوت التي تقف حجرة عثرة امام التخطيط الاسكاني للمنطقة فان السلطة ستهدم هذه المنازل بالكامل وستقدم بعض التعويضات وحسب تقدير السلطات للمنزل الذي سيزال فإن المنازل الصغيرة من الاسبستس سيعوض صاحبها بمبلغ 3000 دولار أمريكي أما البيوت المسقوفة بالإسمنت المسلح فستعوض بمبلغ 5000 دولار .
مع الملاحظة التي اضافها انه غالبية المنازل "مش مستاهلة " التعويض حسب وصفه و هنالك أمر مهم جدا وهو ان سلطة الاراضي قد تعرض على صاحب هذا المنزل شراء قطعة الارض التي بني عليها منزله وتحدث رضوان عن مراعاة خاصة لأصحاب هذه المنازل .. بمعنى يقدر ثمن الأرض ويجرى خصم 40 % على أن يدفع 20 % من المبلغ كاش والبقية تقسط على عشر سنوات . وفي نفس الاطار من باب التشجيع والتحفيز قال أنه من يدفع 60 بالمية من المبلغ ثمن الارض كاش سوف يعفى من 20 إلى 25 % من المبلغ والباقي تقسيط .
وأضاف أن الحكومة قد تأجر هذه الارض لصاحبها على ان يدفع مبلغ رمزي جدا من 150 الى 200$ سنويا حسب قوله . ومن الممكن لم أخذ التعويض سيتوفر مكان آخر بالمشاريع الاسكانية المعدة من قبل الحكومة طبعا وتتبع نفس الاليات في تقدير ظروف العائلة .
No comments:
Post a Comment