Tuesday, May 17, 2011

البَالَة



بِ -عدستي
 فراس .. وسوق البالة العتيق
البالة هي الجراب الضخم و وعاء يضم مقدارا مضغوطا من القطن أو الثياب أو الندى والخير ! كما ورد في المعجم الوسيط فهل فعلا معناها يدل على محتواها !  ومنذ متى ظهرت فكرة "أسواق البالة"  التي تعتبر مزار لعدد كبير من المواطنين فقراء كانوا أم اغنياء  وخاصة مع تواجد الكثير من البضائع بكافة المجلات فتجد الملابس والأحذية بالإضافة للأدوات الكهربائية والألعاب .. وغيرها , بنوعية جيدة وبأسعار أرخص بكثير من البضائع العادية ,والمحلية الصنع .
وللملابس المستعملة في غزة سوق يطلق عليه "سوق فراس" والذي يعود انشاؤه الى العهد المصري , ازدهر في الستينيات وما مازال مستمر حتى الآن ,بالإضافة للمحال المتفرقة في محافظات غزة  . والداخل  إلى فراس يجد السوق منتشر بمحال الخضروات والفواكه واللحوم, ولكن يوجد فيه زقاق طويل عتيق يتكون من 30 محل تقريبا , ينتشر الباعة فيه  بمجرد أن تدخل هذا الشارع , تشتم رائحة ملابس البالة , وأصوات البائعين هنا وهناك يصرخون بأعلى ما عندهم لبيع بضائعهم . وتجد الزبائن الذين يختلفون في مستوياتهم المعيشة منهم الفقراء  الذين يحلمون بملابس تسترهم بأرخص الأسعار , والأغنياء  الذين يبحثون عن ماركات عالمية , بأقل أسعار من الاسواق العادية .

البالة مهنة ومصدر رزق ..
يقول (محمد السنداوي)   50عاما  أحد مصدري البضائع لهذا السوق  أننا كتجار نستورد البضائع من الجانب الاسرائيلي , وبدورنا نقوم ببيعها لمن يريد أن يشتري , ولسوق فراس حظ وفير في شراء معظم البضائع التي اشتريها من الجانب الإسرائيلي ., وتعتبر تجارة البالة مهنة حظوظ لأننا نشتريها بالوزن دون أن نراها. وبعد ذلك نفرزها ونبعد التالف منها , ومن ثم نقوم بكيها وبيعها .

أما (ماهر كريّم )26 عاما أحد أصحاب محلات البالة في سوق فراس قال : أن بيع البالة مصدر للكثير من العاملين , وعند إغلاق المعابر من قبل الاحتلال تتجمد حركة السوق فبتالي مهنتنا هي مرهونة بفتح وإغلاق المعابر فقد اغلق الاحتلال المعابر لمدة 4 سنوات وتبع ذلك تدهور في حركة السوق  , واضطر العديد من البائعين اغلاق محالهم , لعدم وجود بضائع لبيعها والبعض الآخر اقتصر على بيع الملابس المحلية الرديئة , والتي لا يوجد اقبال كثير عليها , كونها قصيرة الحياة .
وأضاف أنه تم فتح المعابر في  النصف الثاني من 2010 وما زالت مفتوحة لتجارة الملابس المستعملة وأن سير العمل في السوق تسير بشكل  طبيعي , ونأمل أن تبقى هذه الحركة .
مشيرا أن الاحتلال غير مضمون , وفي أي لحظة ممكن أن تغلق المعابر , ونحن كتجار وبائعين نعيش على كف الرحمن .

ويشير (شاكر السنداوي) 60 عاما الذي يعمل منذ 45 سنة في سوق فراس ,أن عمله في السوق يشكل مصدر رزقه ، وأن أولاده ورثوا المهنة عنه   مؤكدا أن هذه المهنة أصبحت ارثا لعائلته , ضاحكا لسنا الوحيدون ولكننا الأشهر والأبرز , بالإضافة إلى عائلة بعلوشة وكريّم وكحيل وغيرهم .
وأضاف أن هذه المهنة سببت له حساسية في الصدر قائلاً "نحن نتعامل مع ملابس مستعملة ومكدسة , وعند فرزها تصدر غبارا وهو السبب في مرضي ."
ويضيف (رجب كحيل ) 17 عاما – تركت المدرسة في سن مبكرة وصرت أعمل مع أبي , وانا مستمتع في عملي هذا  , مؤكدًا ان سوق البالة توفر على الفقراء الكثير من الاموال فهم يشترون الملابس بأرخص الأسعار , وأنه لا يتخيل أن تكون الحيان بدون أسواق لبيع الملابس المستعملة  , بقوله " من غير العادل أن يكونوا الفقراء بلا ملابس ."

ويقول (أحمد العكا) 21 عاما طالب جامعي يعمل في السوق في أوقات فراغه , ليأمن مصروف جيبه , وذكر لنا خبرته التي اكتسبها من عمله قائلاً "أن الزبائن يمثلون كافة طبقات المجتمع , فتجد الموظفون , والتجار والعمال والأطباء ".
وأضاف أنه عند وصول البضائع الجيدة يتصل بزبائنه المميزين ليكونوا أول من يختار "اللقط" حسب قوله .
بريستيج أم ماذا
وتتحدث (مرام أحمد ) 22 عاما قبل بداية العام الدراسي من كل سنة أتوجه إلى سوق البالة  , ومعي مبلغ لا يزيد عن 150 شيكل وأعود بكميات من الملابس والأحذية حتى نهاية العام وبالمبلغ نفسه لا أتمكن من شراء جينز واحد مع قميص في حال ذهبت الى المحال التجارية التي تبيع ملابس جديدة .

وتضيف  (اسراء البابا) 28 عاما انها تتوجه الى سوق البالة لأسباب أهمها النوعية الجيدة للملابس التي تتواجد في البالة , فهي أجنبية الصنع والتي تتميز عن الصناعة المحلية والصينية والتركية التي غزت الأسواق , مضيفة الى أن الملابس الأجنبية تبقى محتفظة بجودتها , مقارنة بالملابس المحلية التي تهترئ بسرعة .
اخيراً
ان احتفاظ سوق فراس بالحارة الصغيرة التي تضم 30 محل , يدل على اهمية هذا السوق للفقير والغني للبائع والتاجر , فجميعهم يستفيدون , وأن هذه الاسواق لا تشكل أبدا عائقا أو تهديدا على الأسواق المحلية , فلكل مكان زبائنه .

No comments: